أنت هنا

لازالت جائحة فيروس كورونا تعصف بالعالم وتقلب الموازين والأردن ليس حالة استثنائية. وعليه، اتخذت الحكومة الأردنية تدابير معينة كحظر التجول للحد من انتشار المرض. الأمر الذي فرض على الأشخاص ملازمة بيوتهم والعمل منها، مما اضطر التلاميذ اللجوء لتجربة التعلم عن بعد، وأجبر معظم الشركات على الإغلاق. وهكذا، أصبح السماح بحرية التنقل والحركة مناطاً فقط بالعاملين في القطاعات الأساسية والحيوية، غير أنه ومنذ بدء الحظر العام قبل أسبوعين، آثرت جميلة –المشرفة الليلية في مأوى اتحاد المرأة الأردنية للنساء المعنفات- البقاء مع النساء في المأوى تاركة خلفها زوجها وعائلتها لرعاية من هن أبدى باهتمامها. وتقول جميلة: "لا يمكنني تركهن في ظل هذه الظروف الحرجة؛ فأنا مسؤولة عن رعايتهن بحكم وظيفتي وانسانيتي لأنهن بأمس الحاجة لي".

وتعمل جميلة في اتحاد المرأة الأردنية منذ عام 2014، فقد زودتها وظيفتها بالعلم والخبرة اللازمة للتعامل مع الناجيات المقيمات في المأوى. وتعد جميلة من العاملات في الخطوط الأمامية المسؤولات عن حالات العنف المبني على النوع الاجتماعي. فقد مكنتها مسيرتها الوظيفية بممارسة عدة أدوار بدءً من إدارة الحالة مباشرة، إلى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي، إلى رعاية النساء في الفترة المسائية. وعلاوة على ذلك، فهي مسؤولة عن الرد على اتصالات الخط الساخن بعد ساعات العمل الرسمية، وتحويل المتصلات إلى الأخصائيات الاجتماعيات، إن لزم الأمر.

خلال أزمة انتشار فيروس كورونا، وضعت جميلة جدول أنشطة يومية للنساء في المأوى، تفادياً للضجر الذي قد ينتج من حظر التجول مراعية تغيير الحالة النفسية للنساء وإضفاء شعور بالطمأنينة من جهة، وتسليتهن وإشغالهن بما هو مفيد من جهة أخرى، إذ يتضمن جدول الأنشطة على الألعاب التنافسية، والأنشطة الرياضية، ومجموعات الدعم النفسي.

"أعرف أن وظيفتي ليست سهلة أبداً، لأنني أواجه التحديات طوال الوقت، لكنني أحب عملي وأمارس واجباتي بشغف وبقلب محب"، هكذا عبرت جميلة عن شعورها إزاء عملها. وتعلم جميلة جيداً أن عادة ما يرافق الخوف والهلع فترة حظر التجول والحجر الإلزامي، لذا تراعي حالة نساء المأوى النفسية بتوفير الدعم اللازم، ولا تنسى واجبها بالحفاظ على سلامتهن الجسدية، وذلك بالتأكد من اتباعهن لمعايير النظافة والتعقيم في هذه الظروف الاستثنائية. "أنا ممتنة جداً للتقدير والشكر والعرفان الذي أحصل عليه سواء من مديرة الاتحاد، أو من الأخصائيات الاجتماعيات، فأنا محظوظة كوني جزء من هذا الفريق الرائع"، تقولها جميلة والابتسامة لا تفارق وجهها، فهي لا تعتقد أن رعايتها لنساء المأوى يؤثر فيهن فقط، بل يتعدى ذلك لأنها تخدم مجتمعها وبلدها أثناء الأزمة التي نعيشها بسبب الجائحة.