لم يكن عمر ربى قد تجاوز ست سنوات حين وجدت نفسها لاجئة في مخيم الزعتري بالأردن في سن الثالثة عشرة تزوجت للمرة الأولى لكن هذا الزواج لم يستمر سوى شهرين بعدها تزوجت مرة أخرى وأنجبت ستة أطفال آخرهم ثلاثة توائم ولدوا قبل أسبوعين رغم الظروف لم تستسلم ربى، بل صنعت لنفسها طريقًا جديدًا. ربى اليوم في التاسعة عشرة من العمر، وأم لستة أطفال كانت تتلقى الرعاية الطبية خلال فترات الحمل والولادة ومتابعة ما بعد الولادة في عيادة الصحة الجنسية والانجابية التي يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان في المخيم.
تقول لمياء الدبيسي، مديرة عيادة الصحة الجنسية والإنجابية: "نظرا لظروف حملها، تلقت ربى رعاية طبية خاصة، خلال فترة الحمل والولادة وما بعد الولادة لها ولأطفالها." وتوضح: "جميع ولاداتها كانت قيصرية وتتطلب إجراءات خاصة، لها ولأطفالها، حيث ولد التوأم الثلاثي في الشهر السابع من الحمل، مما تطلب رعاية مستمرة لضمان استمرار الحمل."
تقول ربى: "أنجبت التوأم الثلاثي قيل أسبوعين، في مستشفى خارج المخيم وهم هناك حالياً يتلقون الرعاية الطبية التي يحتاجونها وذلك بعد أن تم تحويلي لخارج المخيم للولادة"
بعد الولادة تلقت ربى العديد من التعليمات والنصائح حول وسائل تنظيم الأسرة، فهي بعمر التاسعة عشرة ولديها ستة أطفال.
بداية جديدة وسط الصعوبات
عندما وجدت ربى نفسها في مواجهة ظروف صعبة لم تكن تتوقعها شعرت بأن حياتها قد انقلبت رأسًا على عقب. تتذكر ربى تلك الأيام قائلة "لم أكن أعلم كيف يمكنني المضي قدمًا وسط كل هذه التحديات لكنني أدركت أن البقاء في مكاني لن يغير شيئًا وكان على أن أبدأ من جديد."
مع مرور الوقت بدأت ربى تبحث عن طرق لتطوير مهاراتها وتعزيز ثقتها بنفسها وجدت نفسها منجذبة إلى البرامج التي توفر التدريب والدعم النفسي حيث حضرت ورشات عمل مكثفة حول تطوير الذات والتمكين الاقتصادي. تقول ربى: "تعلمت أنني أملك القوة لتغيير حياتي وأن المعرفة هي المفتاح، كنت بحاجة إلى من يرشدني وحين وجدت الدعم المناسب بدأت أرى الأمور من منظور مختلف" وأضافت: "التحقت بدورات المهارات الحياتية واكتسبت معرفة عملية في مجالات مثل الحرف اليدوية والإدارة المالية."
تحدي العادات وكسر القيود
وفي المساحة الآمنة للنساء والفتيات التي يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسان أيضاً، شاركت ربى في العديد من الدورات المهنية من تصفيف الشعر والتجميل إلى الحاسوب والكاراتيه وكرة القدم كما خاضت عدة بطولات رياضية خاصة في كرة القدم وحققت الفوز في العديد منها لم يكن هدفها ممارسة هذه المهن فقط، بل إثبات قدرتها وكفاءتها في أي مجال تختاره. تقول ربى: ""أنا أعرف أن المجتمع لن يسمح لي بالعمل بهذه المهن لكنني أردت أن أثبت أنني قادرة على التفوق فيها جميعاً."
بعد أن اكتسبت المهارات التي تحتاجها قررت ربى أن تساهم في دعم غيرها من النساء اللواتي يواجهن تحديات مماثلة" فبدأت بتقديم ورش عمل حول الاستقلال المالي وإدارة المشاريع الصغيرة وسرعان ما أصبحت مرجعًا للنساء في مجتمعها. تقول إحدى المشاركات في الورشات التي قدمتها ربى: "لقد ألهمتنا ربى بطريقة لم نتوقعها لم تكن مجرد مدربة، بل كانت نموذجًا حيًا للتغيير والإرادة القوية."
"أنا أصنع مستقبلي بيدي." تقول ربى، فهي ليست مجرد فتاة تحدت ظروفها، بل هي نموذج لجيل جديد نشأ في بيئة مختلفة يسعى لكسر الحواجز وتغيير المفاهيم السائدة. هي مصممة على تربية أطفالها بطريقة مختلفة وتحقيق العدالة والمساواة في حياتهم والتخلي عن العادات التي قيدت الأجيال السابقة. قصة ربى هي شهادة على قوة الإرادة ودليل على أن التغيير ممكن حتى في أصعب الظروف.
"التعليم هو المفتاح لمستقبلهن." تؤمن ربى بأن تعليم البنات أكثر أهمية من تعليم الأولاد ولذلك بدأت بتعليم أطفالها الحساب والقراءة في المنزل حتى قبل دخولهما الروضة، وهي ترى أن الدراسة الجامعية لأطفالها أمر لا بد منه، وأن الفتيات يجب أن يحصلن على فرص متساوية في التعليم.
"تقول ربى: "لا أريد أن يعيش أطفالي الحياة التي عشتها، أريد لهم مستقبلًا مختلفًا"، اليوم تتمتع ربى بثقة بالنفس وتصميم لا يتزعزع خطتها واضحة وهي تربية أبنائها بطريقة مختلفة عن تضمن لهم التمتع بكافة حقوقهم وخياراتهم.
ربى رمز للأمل والتغيير
اليوم تقف ربى بثقة ليس فقط لأنها تجاوزت الصعوبات، بل لأنها أصبحت مصدر إلهام للكثيرين تسعى لنقل تجربتها للآخرين وتؤمن بأن كل شخص يملك القدرة على إعادة بناء حياته إذا حصل على الدعم المناسب. "أنا أؤمن أن كل إنسان يملك قوة داخلية لا حدود لها لقد واجهت التحديات وخرجت منها أقوى وأرغب في أن أكون جزءًا من رحلة تمكين الآخرين" تقول ربى بفخر. عندما تنظر ربى إلى المستقبل ترى فيه فرصًا لا حدود لها تسعى لمواصلة رحلتها في التمكين المجتمعي وتؤمن بأن التغيير يبدأ من الداخل لكنه يحتاج إلى بيئة داعمة ليستمر.
وتستمر هذه الخدمات بمنحة كريمة من منظمة مكتب المفوضية الأوروبية للمساعدات الإنسانية والحماية المدنية الذي يدعم بدوره كل من العيادة، والأماكن الآمنة للنساء والفتيات في مخيم الزعتري.