حتى بعد فرارها من القصف في درعا عام ٢٠١٢ مع زوجها وأطفالها الثلاثة إلى الأردن، لم تشعر دلال أبدًا بالأمان لأن كان زوجها يسيء معاملتها خاصة بعد أن لجأ إلى شرب الكحول وتعاطي المخدرات.
كنت خائفة على حياتي. كان يضربني كثيراً ويهددني في كثير من الأحيان بخنقي"، وأضافت: "لقد باع كل ما كان يملك أو يضع يديه عليه بما في ذلك أسطوانة الغاز لشراء المخدرات.
قالت دلال
عندما يطول أمد النزاعات، تكون اللاجئات ـ كدلال ـ هن الأكثر عرضة لخطر العنف المبني على النوع الاجتماعي وحتى بعد الفرار من الحرب، وفقا لتقرير صدر عن فريق العمل الأردني المعنى بنظام إدارة معلومات العنف المبنية على النوع الاجتماعي الذي نشره صندوق الأمم المتحدة للسكان وشركاؤه في عام ٢٠٢٠.
كما وجدت دراسة أجرتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة حول اللاجئات السوريات في كل من لبنان والأردن والعراق أن العنف ضد المرأة كان مصدر قلق مشترك بين هذه الدول.
أخبرتنا دلال أنها تحملت الإهانات والإساءات والعنف الجنسي الذي دمرها وحطم احترامها لذاتها لمدة 7 سنوات. وقالت: ”لقد كرهت نفسي وتمنيت الموت إلى أن اهتزت ثقتي بنفسي وكنت اشعر بأنني أواجه العالم وحدي".
لكن لم تكن تعلم دلال أن زيارة بسيطة لمتطوعين داخل مخيم الزعتري لتعزيز الوعي بخدمات برنامج الوقاية من العنف المبني على النوع الاجتماعي التابع لصندوق الأمم المتحدة للسكان ستغير مجرى حياتها إلى الأبد.
يتم تنفيذ هذا البرنامج للحد من تأثير العنف المبني على النوع الاجتماعي بين اللاجئين، من خلال معهد العناية بصحة الأسرة التابع لمؤسسة نور الحسين وهو شريك صندوق الأمم المتحدة للسكان المنفذ. وكان المتطوعون الذين أجروا الزيارات الميدانية من فريق التوعية التابع للمعهد.
وبالإضافة إلى مخيم الزعتري، يتم تنفيذ البرنامج من خلال شركاء آخرين في مخيمين آخرين للاجئين السوريين وأيضاً في المجتمعات المضيفة في 8 محافظات في المملكة.
ويتضمن البرنامج إشغال المساحات الآمنة للنساء والفتيات، والتي توفر للناجيات من العنف المبني على النوع الاجتماعي جلسات دعم نفسي اجتماعي، وإحالة إلى خدمات مختلفة منها الخدمات القانونية وخدمات الصحة الجنسية والإنجابية. بالإضافة إلى التدريب على الأنشطة المدرة للدخل. وفي عام ٢٠٢٠، استفادت نحو ٥٨،٩٦٣ امرأة من جميع أنواع الخدمات المقدمة في تلك المراكز.
تقول دلال: "خبرني المتطوعون عن جلسات الدعم النفسي الاجتماعي والتوعية وشجعوني على الذهاب إلى المركز". وفي اليوم التالي، دعتها إحدى الأخصائيات لحضور جلسة توعية في معهد العناية بصحة الأسرة. وهناك تعرفت على أشكال مختلفة من العنف المبني على النوع الاجتماعي التي من الممكن أن تؤدي إلى أذى جسدي، أو جنسي، أو نفسي، أو تشكل معاناة للمرأة. وبعد تقييم حالة دلال، وضعت الأخصائية خطة علاجية تضمنت جلسات فردية للدعم النفسي.
وتوضح دلال: "طمنتني الأخصائية أن جلسات الدعم النفسي الاجتماعي سرية، مما أشعرني بالأمان، وهكذا فضفضت لها عن كل ما في قلبي وكل ما يكدرني". وأضافت: "وبعدها، نسيت خوفي".
الدعم النفسي الذي تلقته دلال ساعدها في التغلب على الشعور بالاكتئاب والقلق.
"لقد أصبحت شخصًا مختلفًا. كنت أفقد أعصابي بسرعة، لكنني الآن أكثر هدوءا وأصبحت أكثر انفتاحا على الناس وبدأت أختلط بهم من جديد... لقد عادت لي البسمة كما في السابق"
لقد أشعرت هذه الجلسات دلال بالقوة، ولأول مرة، أدركت أن لديها الحرية باختيار مجرى حياتها. تقول: "الجلسات التي شاركت فيها محنتني الشجاعة الكافية لطلب الطلاق".
وفي شباط عام ٢٠١٩، رفعت دلال قضية الطلاق بعد أن تم تحويلها إلى مؤسسة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض العون القانوني) وهي منظمة غير حكومية محلية تقدم المساعدة القانونية. وبعد فترة شهرين فقط حصلت على دلال على الطلاق، كما حصلت على حضانة أطفالها الذين تتراوح أعمارهم بين السادسة والثالثة عشرة.
وتقول لينا البطاينة، مديرة الحالة في معهد العناية بصحة الأسرة، التي ساعدت دلال على تجاوز محنتها، أنه كان للرعاية النفسية أثر إيجابي جلي على تحسن حالة دلال".
وتضيف: "لمست تغيرا كبيرا في شخصية دلال. لقد بدأنا من الصفر. لكن العلاج ساعدها في التغلب على مخاوفها وقلقها وفي نفس الوقت ساعدها على التعامل مع ضغوطات حياتها اليومية. لقد تعلمت أن باستطاعتها رفض ما يؤذيها بدون الشعور بالذنب، كما أوضحنا لها أن للناجيات من العنف المبني على النوع الاجتماعي طلب المساعدة في أي وقت".
وبعد فترة العلاج، شعرت دلال بأنها ممكنة وقادرة على بدء مشروعها الخاص في بيع أسطوانات الغاز. تقول دلال:" بيع جرار الغاز يساعدني في تدبير النفقات، خاصة عندما يكون عليها طلب أكبر خلال فصل الشتاء".
وعلى الرغم من كفاحها اليومي لتغطية نفقاتها، تظل دلال مصرة على مساعدة النساء الأخريات اللاتي يعانين من العنف المبني على النوع الاجتماعي في مخيم الزعتري. حيث بدأت بعقد محاضرات للحديث مع النساء الأخريات ممن يتعرضن لسوء المعاملة.
"أطمئنهن أن هناك العديد من الخدمات المقدمة التي يمكنهن الاستفادة منها والتي يمكن أن تساعدهن على تغيير مجرى حياتهن وتجاوز الصعوبات".
###############
يعتبر معهد العناية بصحة الأسرة الشريك المنفذ لصندوق الأمم المتحدة للسكان مكتب الأردن، والذي يعمل على إدامة خدمات العنف المبني على النوع الاجتماعي مخيم الزعتري للصحة الإنجابية.
وتستمر هذه الخدمات بمنحة كريمة من منظمة مكتب المفوضية الأوروبية للمساعدات الإنسانية والحماية المدنية (الإيكو) الذي يدعم بدوره كل من العيادة، والأماكن الآمنة للنساء والفتيات في مخيم الزعتري.