أنت هنا

قبل وقت ليس ببعيد، كانت منال ذات الـ 19 ربيعاً مجرد فتاة من الكرك لم تكمل تعليمها الثانوي، لأنها رسبت في امتحانات التوجيهي، وكان والدها يسيء معاملتها ويذكرها بنقصها، إذ كان يلقبها بـ "الفاشلة" الأمر الذي أصابها بصدمة شديدة، فقد كانت تحت وطأة العنف العاطفي والنفسي وهما شكلان من أشكال العنف المبني على النوع الاجتماعي. ظنت منال أن هذا هو قدرها، لأنها لم تكمل تعليمها فلم تكن الخيارات المتاحة أمامها كثيرة، لذا عليها أن تبقى حزينة في المنزل ولا تمارس أي نشاط، أو تصبح ضحية للزواج التقليدي، بينما يستمتع الأخرون بحياتهم. لكن، في يوم من الأيام استجمعت منال ثقتها وذهبت مع صديقتها لحضور جلسة توعوية للشباب في معهد العناية بصحة الأسرة في الكرك، التابع لمؤسسة نور الحسين والذي يدعمه صندوق الأمم المتحدة للسكان. وأثناء الجلسة تم تقييم منال وجرت إحالتها بعد أخذ موافقتها من قبل مثقفة الشابات لحضور جلسات الحد من العنف المبني على النوع الاجتماعي بسبب ما أظهرته من عدائية وحزن وسلبية. ولم يمر وقت طويل قبل أن تنخرط منال في جلسات الدعم النفسي والاجتماعي هذه إلى جانب المشاركة في أنشطة التمكين التي عرفتها إلى عالم صناعة الصابون!

وجدت منال شغفها في صناعة الصابون، وبدأت العمل بجد لتحسن مهارتها ومنتجاتها. وبعد جهد جهيد وكثير من التجربة والخطأ توصلت منال للوصفة المثالية التي كملتها قوالب الصابون ذات الأشكال المبهجة، وروائح العطر الأخاذة التي اختارتها بعناية شديدة.

شعرت منال بمسؤولية لنشر ما تعلمته فأرادت نقل تجربتها للأخريات، وليس هناك أفضل من تقديم تدريب دعاها إليه مركز الأميرة بسمة وتلاه العديد من المؤسسات غير الحكومية وحضرت تدريباتها النساء والفتيات اليافعات اللاتي سررن بما قدمته لهن منال عن أساسيات صناعة الصابون. وكانت تجاربها التدريبية ناجحة بامتياز.

وبهذا، تكون منال قد أمنت دخلاً ثابتا لها من صناعة الصابون. واليوم، تروج منال منتجاتها عبر صفحتها على تطبيق الفيسبوك ومن خلال المشاركة بالبازارات المحلية. وهكذا، توقف العنف العاطفي والنفسي الممارس على منال وأصبحت تشعر أن لحياتها هدف ومعنى. واليوم، تساعد منال الأخريات بتعلم مهارة صناعة الصابون لتعزز ثقتهن بنفسهن وبالتالي إيجاد مصدر مدر للدخل.